يُبرز هذا التقرير الصمود التاريخي والمساهمات الكبيرة للهيئات المحلية الفلسطينية. فبالرغم من الاحتلال المستمر منذ عقود، والقيود، والتعقيدات السياسية والاجتماعية، تواصل الهيئات المحلية الفلسطينية التزامها بالتنمية المستدامة وخدمة المجتمع.
تعود جذور الحوكمة المحلية الفلسطينية إلى أكثر من قرن، بدءًا من تأسيس البلديات الأولى في ظل الإمبراطورية العثمانية. فقد وضعت مدن أساسية مثل القدس (1863)، ونابلس (1868)، وغزة (1893) الأسس للحكم البلدي، مرورًا بالعهد العثماني والانتداب البريطاني والحكم الأردني/المصري. وقد شهدت كل فترة تغييرات في هيكل الحكم والتركيبة السكانية والأطر التنظيمية، ما دفع الهيئات المحلية للتكيف وتوسيع نطاق عملها ووظائفها.
بعد النكبة عام 1948 والاحتلال الذي بدأ عام 1967، واجهت الهيئات المحلية الفلسطينية أشكالًا متزايدة من السيطرة الخارجية. فقد فُرضت عليها عقبات غير مسبوقة من مصادرة الأراضي، وتهجير السكان، وقيود شديدة على الموارد الطبيعية والتخطيط العمراني. ورغم هذه الضغوطات، دافعت الهيئات المحلية باستمرار عن مصالح المجتمع، وقاومت محاولات استبدال هياكل الحكم المحلي بنماذج مفروضة خارجيًا، وحافظت على الموارد المحلية الأساسية.
اليوم، تعمل الهيئات المحلية الفلسطينية في بيئة معقدة تتشكل جراء الاحتلال المستمر. يُعيق التوسع الاستيطاني الواسع، ومصادرة الأراضي، والإشراف العسكري في المنطقة (ج) بشكل كبير مبادرات التنمية. وتُزيد القيود الإدارية والتنظيمية من تعقيد جهود الحوكمة. ومع ذلك، تبقى الهيئات المحلية الفلسطينية ملتزمة بخدمة جميع المجتمعات في المناطق (أ) و(ب) و(ج). في غزة، يُعد الحكم المحلي آلية حيوية للحفاظ على الخدمات الأساسية في ظل الدمار الشامل للبنية التحتية، مما يعزز من صمود المجتمع في مواجهة الشدائد الاستثنائية.
يؤكد هذا التقرير على الدور المستمر للهيئات المحلية الفلسطينية في تعزيز الحكم المحلي المستدام، على الرغم من القيود. ومن خلال الشراكات الاستراتيجية والجهود التعاونية، تسعى هذه الهيئات إلى حماية الموارد الحيوية، والحفاظ على التراث الثقافي، وتعزيز الصمود عبر المجتمعات الفلسطينية. إن هذا المسار الصامد للحكم المحلي الفلسطيني يعكس التزامًا ثابتًا لبناء مستقبل قائم على الاستقرار، والشمولية، والنمو المستدام.